هذه هى بعض ايجابيات التعديلات الدستورية لهذا واجبنا ان نقول نعم
1- تضمنت التعديلاتُ إيجابيةً كبرى في عدم التعرض للمادة الثانية مِن الدُّستور -التي تَنُصُّ على أنَّ دين الدولة هو الإسلام، وعلى مرجعية الشريعة الإسلامية- رغم وجود أصواتٍ عِدَّةٍ منذ بداية الثورة لتعديلها، ولا نشك أنَّ حملةَ الدعوة لعدم المساس بها كان لها كبيرُ الأثر في عدم التعرض لها.
وإنْ كُنَّا نُنبِّه إلى أنَّ إضافةَ المادة (189 مكرر) الخاصَّة بإعداد مشروعِ دُستورٍ جديدٍ مِن خلال جمعية تأسيسية منتخَبة مِن أعضاء مجلسَي الشعب والشورى المنتخَبَيْنِ- قد يُطرَح مِن خلالها تعديلُ هذه المادة، ومِن أجل ذلك كان تحفظُنا عليها؛ فإننا نعلن استمرارَ حملة التوعية بحقيقة التعديلات التي يُطالِب بها البعضُ مِن إلغاء هذه المادة؛ بما يجعل الشريعةَ الإسلاميةَ في المرتبة الأخيرة كمصدرٍ للتشريع، أو تعديلِها؛ حيث يجعلها مساويةً لغيرها مِن مصادرِ تشريعٍ أخرى، وكُلُّ هذا يتعارض مع عقيدة كُلِّ مسلم المأخوذةِ مِن القرآن الكريم
إِنِ الْحُكْمُ إِلا لِلَّهِ ) (يوسف:40) ,
( وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ ) (المائدة:45)،( وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْمًا لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ) (المائدة:50).
2- تضمنت التعديلاتُ إيجابيةً عظيمةً في إلغاء المادة (179) الخاصَّة بمكافحة الإرهاب، والتي كانت سَيفًا مُصْلَتًا على العمل الإسلامي برُمَّته.
3- تضمنت التعديلاتُ تحديدَ مُدَّةِ حكمِ رئيس الجمهورية بمُدَّتَيْنِ رِئاسيَّتَيْنِ؛ كل منهما أربع سنوات، ولا شك أنَّ هذا يُعَدُّ -في ظل الظروف الراهنة وموازينِ القُوَى الداخلية والإقليمية والعالمية- نقطةً إيجابيةً نسبيًّا؛ أي بالنسبة للوضع السابق الذي كان يَسمح باستمرار السُّلطة إلى مُدةٍ غيرِ مُحَدَّدة؛ مما يؤدي إلى تسلُّط الطُّغاة والظَّلَمة وجَمْعِ كُلِّ الصلاحيات والسُّلُطات في أيدي حَفْنَةٍ مِن أتباعهم يتمكنون بها مِن أنواعٍ مِن الفساد لا يحصيها إلا الله، هذا رغم عِلْمنا أنَّ نظامَ الحُكم الإسلامي لا يُحَدِّد مُدَّةً مُعَيَّنةً للخَليفة، لكنَّ هذا النِّظامَ القائمَ ليس نظامًا لخِلافةٍ إسلاميةٍ حتى يُطالِبَنا البعضُ بتطبيق الأحكام الشرعية الخاصَّة بالخِلافة عليه، بل هو نِظامٌ رئاسيٌّ جُمْهوريٌّ؛ هو المُتاح المُمْكِن حاليًا، وإن لم يَكُنْ هو المطلوبَ شَرعًا.
4- تضمنت التعديلاتُ نقاطًا إيجابيةً في مسائل الإشرافِ القضائيِّ على الانتخابات لضمان نَزَاهتها، واختصاصِ المحكمةِ الدُّستوريةِ العُليا بالفصل في صِحَّةِ عُضوية أعضاء مجلس الشعب، وإلزامِ رئيس الدَّولة بتعيين نائبٍ له, ولزومِ عَرْضِ إعلانِ الرئيس حالةَ الطوارئ على مجلس الشعب خلال سبعة أيام، وعدمِ تَجاوُزِ مُدَّةِ حالة الطوارئ ستةَ أَشهُرٍ إلا باستفتاءٍ شَعبيٍّ, وجُملةٍ مِن إجراءاتٍ تَسمح بالترشُّح لرئاسة الجمهورية للمُستَقِلِّينَ, وهي وإنْ كانت لا تَنُصُّ على الشروط الشرعية المعتبَرةِ في هذه الأمانة العظيمة إلا أنها -نِسبةً إلى الوضع السابق- أفضلُ بكثير مِن استمرارِ الطُّغاة وأعوانِهم في احتكار السُّلطة.
ونرى أنَّ إيجابياتِ التعديلات أكبرُ مِن سلبياتها؛ فنرى الموافقةَ عليها مع تَحَفُّظِنا على أيِّ احتمالٍ لتغيير المادة الثانية في المستقبَل مِن قِبَل "الجمعية التأسيسية" التي ستُنتَخَب, وأما بالنسبة إلى باقي أَوْجُه المشاركة السياسية؛ فلا تزال مطروحةً للبحث والمُشاوَرة بَيْنَ أهل العِلم والدُّعاة.