(اسمه بالكامل توماس ألفا أديسون، ذهب إلى المدرسة ذات الفصل الواحد وهو في الحادية عشرة من عمره مع 39 طفلًا، ولكنه ليس ككل الأطفال، إنه لا يكف عن الملاحظة والسؤال، ويلفت انتباهه أشياء غريبة جدًّا، وبعد أربعة أشهر لم تكتمل أعلن مدرسه أنه طفل غير طبيعي، متأخر ومتبلد الذهن لا يصلح للدراسة.
ولم تغب عن الأم المشكلة، فقامت بإخراجه من المدرسة، وبدأت تعلمه بنفسها في البيت، وتنمي بداخله حب الدراسة، واقتصر دور أبيه على منحه عشرة سنتات عن كل إنجاز، لقد بدأ الصغير مشروعه الأول: قراءة جميع الكتب فيتلك المكتبة الكبيرة، وقامت الأم المراقبة بتوجيهه في القراءة إلى التاريخ والعلوم الإنسانية.
وكانت هذه بداية الطريق إلى التعليم الذاتي، عند بلوغه الثانية عشرة كان أديسون قد انتهى من مجموعة قيمة جدًّا من أمهات الكتب، من بينها قاموس العالم للعلوم والكيمياء التطبيقية!
أقنع توماس والديه أن يسمحوا له بالعمل، فكان يبيع الجرائد والحلوى في محطات القطار، ولم يكتفِ بذلك، بل بدأ مشروعه الخاص ببيع الخضر والفاكهة للناس، كان يحتاج دائمًا للمال ليجرب ما يفكر فيه، ولم يكن يستطيع رغم دخل أبيه المعقول أن يطلب منه دائمًا.
ونتيجة لخطأ غير مقصود تسبب توم في حدوث شرارة نار أحرقت إحدى عربات القطار؛فكان جزاء ذلك صفعة قوية على الرأس أدت إلى صمم كامل في أذن وضعف في الأخرى بنسبة 80%، وهكذا أصيب بفقد للسمع مع حرمان من صعود القطارات،ليقتصر بيعه على أرض محطة القطار فقط.
وفي يوم من الأيام اشتد الألم على أمه في إحدى الليالي، وقرر الطبيب أنها تحتاج لجراحة، ولكن عليها الانتظار للصباح.
فقال للطبيب: ولكن يا سيدي إنها لا تحتمل الألم، إنه قد يقتلها من شدته قبل الصباح.
فرد عليه الطبيب: وماذا أستطيع أن أفعل يا بني، أحتاج إلى إضاءة؟!
وسطر توماس في مفكرته أنه لابد من إيجاد وسيلة للحصول على ضوء ليلًا أقوى من ضوء الشموع، هل ترون كم هي بسيطة مشاريع النجاح؟! إن توماس أديسون كان له في كل لحظة مشروع، ذلك أنه كان دائم النظر حوله والاستفادة من كل الناس، كان مراقبًا جيدًا، يتابع ويراقب ويجرب.
أجرى أديسون 10000 تجربة فاشلة لتطوير مصباح كهربي قادر على العمل لساعات طويلة، ولما سُئِل: ألا يكفي هذا العدد من تجارب الفشل؟ فقال لهم: لقد تعلمت من هذه التجارب أن هناك 10000 طريقة لا يمكن لأي منها أن يصنع المصباح الكهربائي الذي أريد.
وهذا هو السر في أن ذلك الفتى الفقير الأصم قد أصبح أديسون صاحب الـ(1093) اختراعًا منفذًا حصل له على براءة اختراع، وآلاف أخرى احتوت عليها مفكرته لم يمهله العمر لتنفيذها) [كيف أصبحوا عظماء، سعد سعود الكريباني، ص(107-115)].
لماذا المذاكرة؟
إن قصة توماس أديسون التي ذكرناها لا تختلف عن واقع الشباب في هذا الوقت الذي يسعتدون للامتحانات بالمذاكرة ويخافون من الفشل، ولاشك أن فترة المذاكرة والاستعداد للامتحانات تعتبر عند غالبية شباب الجامعة من أثقل الأوقات على قلوبهم، لأن عليهم الآن أن يجلسوا في بيوتهم ليستعدوا للامتحانات.
إن المذاكرة هي عبادة لله تبارك وتعالى لو نوى المسلم فيها النفع للإسلام، والقدوة الحسنة، وهي جزء من الفاعلية والإجابية التي يجب أن يتحلى بها الشاب المسلم في حياته.
الفاعلية والمذاكرة:
عندما نذكر المذاكرة، فإننا نتذكر الفاعلية والإجابية، ولعلك تتساءك، ما هي الفاعلية؟ يقول الدكتور محمد العبدة: (هى الإنتاج الجيد و الاستمرار فى الإنتاج كما جاء فى الحديث عن أم سلمة رضى الله عنها تصف عمل رسول الله صلى الله عليه وسلم: (كان أحب العمل إليه ما دوام عليه العبد و إن كان يسيرًا) و كما وصفت عائشة رضى الله عنها عمل الرسول صلى الله عليه وسلم "كان عمله ديمة"..............و الفاعلية هى أن نوازن بين ما نريده على المستوى القريب مع ما نريده على المستوى البعيد) [الفاعلية، محمد العبدة].
ولهذا إن لغة الناجحين هي الفاعلية، ولغة الفاشلين هي السلبية، وحتى تعرف لغة الناجحين عليك أن تقرأ الحوار الآتي:
حوار بين ناجح وفاشلين:
(قال الفاشلون: الفشل يعني أنك إنسان فاشل.
قال الناجح: كلا، الفشل يعني أني لم أُوَفَّق إلى الآن.
قال الفاشلون: الفشل يعني أنك لم تفعل شيئًا إلى الآن.
قال الناجح: كلا، الفشل يعني أني تعلمت شيئًا جديدًا.
قال الفاشلون: الفشل يعني أنك إنسان جاهل.
قال الناجح: الفشل يعني أن لدي القدرة الكافية على العمل.
قال الفاشلون: الفشل يعني أنك لن تستطيع الوصول.
قال الناجح: كلا، الفشل يعني أن عليَّ اختيار طريق آخر للوصول.
قال الفاشلون: الفشل يعني أنك تافه.
قال الناجح: كلا، الفشل يعني أني لم أصل إلى الكمال إلى الآن.
قال الفاشلون: الفشل يعني أنك أتلفت حياتك.
قال الناجح: كلا، الفشل يعني أن لدي الحجة للبداية من جديد.
قال الفاشلون: الفشل يعني أن عليك الرضوخ والتسليم للواقع.
قال الناجح: كلا، الفشل يعني أن علي المحاولة والسعي مرة أخرى بطريقة مختلفة) [قصة حياتك، محمد أحمد العطار].
كيف تذاكر بفاعلية؟
هناك بعض الأشياء تساعدك أيها الشاب على المذاكرة بفاعلية، منها:
1. مهارات المذاكرة:
فهناك بعض المهارات التي تعينك أيها الشاب في مذاكرتك منها:
ـ قبل القراءة (التهيئة النفسية والعقلية للقراءة):
اختر مكانًا هادئًا مضاء بشكل مناسب، فهذا سيعمل على زيادة تركيزك.
ابدأ بالتفكير حول ما ستقرأ، تعرف على العنوان الرئيس والعناوين الفرعية، فهي توضح الفكرة الرئيسية للدرس وركز على الاستنتاجات والتطبيقات.
اطرح أسئلة معينة في ذهنك من واقع قراءتك للعناوين مثل (ماذا، كيف، لماذا، أين، متى، مَن) مما يثير انتباهك ويشعرك بالمتعة والتشوق لما ستقرؤه، فوجود أهداف للقراءة تجعل الطالب يسعى وراء تحقيق هدفه.
ـ أثناء القراءة (عملية المسح):
اقرأ الموضوع بصورة متكاملة وسريعة، دون تثبيت العين طويلًا على جزء من السطر أو على كلمة؛ فعليك أن تعويد عينيك على القراءة المنطلقة إلى الأمام، ولا تعيد قراءة الجملة، حتى لو شعرت بعدم الفهم التام للمعنى، فقد تجده في الجمل والعبارات التالية؛ والهدف من القيام بهذه القراءة السريعة أو المسحية هو التعرف المبدئي على الدرس.
ـ بعد القراءة (عملية الاسترجاع):
راجع المعلومات والأفكار الرئيسة، وذلك إما بكتابة ملخص لها، أو بتسجيل بعض الملاحظات الهامة، أو القيام بعملية التسميع لأهم الأفكار والاستنتاجات والمفاهيم، التي توصلت إليها، وقد أثبتت الأبحاث أن قيامك بعملية الاسترجاع بإمكانك تذكر 70% من المعلومات التي ذاكرتها.
ـ مهارة التلخيص:
التلخيص من المهارات الدراسية ذات الفوائد الجمة، ويمكن اكتساب هذه المهارات وتطويرها بالممارسة، ومن أهم فوائد عملية التلخيص وكتابة الملاحظات:
- تساعد على التركيز على المعلومات الهامة والأساسية، فهو يساعد على التركيز بفاعلية على ما تقرأ أو تسمع.
- تساعد في عملية الفهم والاستيعاب، فعمل الملخصات يحدد لك الأطر العامة للموضوعات والتفصيلات المتفرعة عنها، ويضع حدودًا فاصلة بين أجزاء الموضوع، ويعمل على تصنيفه وتقسيمه بصورة توضح المعنى وتساعد في تخزينه في الذاكرة بصورة مرئية.
المذاكرة والأصدقاء:
(للأصدقاء المرء خاصة دور كبير فى توجيهة إلى ما فيه نجاحه و يكفى ان يبدى هؤلاء ثقتهم فيه ليفشل و من ثم فخير للرجل الذى يسعى إلى اكتساب الثقة ان يصادق اشخاصا يثقون فيه كما يثقون بأنفسهم) [أتح لنفسك فرصة، جوردون بايرون].
إن الأصدقاء لهم دور كبير في نجاح الإنسان أو فشله في الحياة، وأوقات المذاكرة يحب بعض الشباب أن يجتمعوا مع بعضهم البعض لكي يشجعوا بعضهم على المذاكرة، وينقسم الناس في تقييمهم للمذاكرة الجماعية:
فالبعض يؤكد أن المذاكرة الجماعية لاتفيد أبدًا فالوقت يضيع في الثرثرة وتذكر ما حدث في المدرسة والبعض الآخر يرى أنها تفيد في إذكاء روح المنافسة وأنها ضرورية أثناء المراجعة قبل الامتحان.
ويرى خبراء التربية وعلم النفس أن المذاكرة أكثر من اثنين تكون ضارة، وينصحون بعدة نصائح:
1- يفضل الاستذكار الفردي بشرط تهيئة المناخ والجو المناسب لضمان الاستفادة الكاملة دون تشتيت للوقت او الجهد.
2- الاستذكار الجماعي مرفوض لتوافر عامل التشتت به لدرجة كبيرة مما يقلل من قيمة الاستذكار والادعاء بأنه يؤدي إلى المنافسة من أجل مذاكرة أفضل فهذا ليس مجاله في الاستذكار الجماعي، ولكن بأنه يذاكر كل طالب وحده ثم تظهر النتائج لتعلن من هو الأكثر تفوقًا.
3- هناك مبدأ هام في علم النفس وهو أن الميول والاتجاهات والحوافز الداخلية تختلف بين الطلبة وكذلك طريقة التفكير ومدى الاستجابة للمعلومة.
4- ولا يستطيع أحد جمع هذه الاختلافات المتناقضة في حيز واحد فقد يكون هناك طالب غير مهتم بالمذاكرة لأن الدافع بداخله ضعيف بينما آخر نشط وقوى الملاحظة وثابت حالته الصحية لا تمكنه من الذاكرة بشكل جيد.
5- ويمكن أيضًا التغلب على السرحان أن يقوم اثنان من الطلبة بالمذاكرة معًا في موضوع واحد على أن يكون كل منهما عازمًا على تحقيق الاستفادة الكاملة دون تضييع الوقت كما يمكن من خلال مذاكرة الاثنين معًا تحقيق المنفعة المتبادلة في المناقشة الخاصة بالمادة المدروسة.
6- أما الاستذكار أكثر من اثنين من الطلبة معا فهذا مرفوض تمامًا حيث إنه يعد مضيعة للوقت وتشتيتًا للجهد ويؤدي إلى عدم الخروج بالحصيلة الطيبة بعد استذكار عدد كبير من الساعات.
ماذا بعد الكلام؟
ـ تذكر أن مذاكرتك أيها الشاب إنما هي عبادة لله تعالى، فانوي فيها الخير والنفع للإسلام.
ـ اقرأ عن مهارات المذاكرة، لكي تسهل من على نفسك عناء المذاكرة.
ـ من الأفضل ألا تذاكر مع أكثر من صديق لك، حتى تحقق الاستفادة الكاملة في المذاكرة.
المصادر:
· كيف أصبحوا عظماء، سعد سعود الكريباني.
· الفاعلية، محمد العبدة.
· قصة حياتك، محمد أحمد العطار.
· أتح لنفسك فرصة، جوردون بايرون.