نقاط : 0 تاريخ التسجيل : 01/01/1970
| موضوع: هدية أم أحمد الثلاثاء فبراير 16, 2010 6:46 pm | |
| هل يوجد مفهوم الهدية في ثقافة الفقراء ؟ عادت أم أحمد من السوق والدنيا لا تسعها من الفرحة ، هذا العيد بالذات حصلت على قدر أكبر من اللحوم ، فقد تزايد إقبال المحسنين على الذبح والتفريق على الغلابة بشكل لم يحدث من قبل ، وجود اللحم على المائدة أضفى عليها بهجة وكأن العيد ما زال ممتدا ، ووفر مصاريف الطعام إلى حد ما ، أما السبب الرئيسي لسعادتها فكان موضوع (الهدية ) كلما تذكرته يرفرف قلبها وخاصة عندما تتخيل وقعها على زوجها.
قبل أن تفتح باب شقتها نادتها جارتها أم رحاب ( تعالي يا أم أحمد احضرينا يا أختي ، رحاب رافضة العريس اللقطة من طرف خالها ) قالت أم أحمد ( لماذا يا ابنتي ؟ ) ردت البنت ( لم أتقبله يا أم أحمد ، لن أستطيع أن أحبه يوما ) قالت أم أحمد ( الله يجازي التلفزيون ، علم البنات الحب ، الحب للناس المرتاحة ، راعي ظروف أهلك ) ردت رحاب بشقاوة البنات ( أفهم أنك لا تحبين أبو أحمد ؟ عموما هذا العريس رجل قاسي وغير متين والزواج عنده بيعه وشروه )
ـ ـ ـ ـ ـ
أثناء أداء أم أحمد لأعمالها المنزلية كانت تفكر في ( الهدية ) ، منذ تزوجت وهي مطحونة في دوامة الحياة اليومية والبيت والأولاد والأزمات المادية المتلاحقة ، حين نكون في قلب الأحداث لا تتاح لنا فرصة مناسبة لتأمل مشاعرنا ، وهكذا مرت الأيام ولم تتساءل يوما عن الحب ، ولكن منذ شهور كانت والدتها المسنة مريضة وقام ( أبو أحمد ) بواجبه تجاهها بتفاني ورجولة لا حد لها مما جعلها تشعر أنها تحبه حقا ، بل وتغفر له كل شئ ، كانت مثل كل الزوجات تحتفظ له بملف أسود لخطاياه في حقها أثناء الخلافات والمشاجرات على امتداد العمر ، السبب الرئيسي مصاريف البيت والعيال وهناك أيضا أهله وأهلها والأسوأ دائما مشكلات الغيرة وخاصة عندما كان يكثر من زيارة خالته بعد طلاق ابنتها.
في أثناء مرض أمها غفرت له وسامحته ، شعور التسامح يغسل الخطايا وكأنها لم تكن ويجعل المواقف المؤلمة تفقد سخونتها ، تتلاشى الأحداث وتبهت وتصبح مجرد لغو لا قيمة له ، ولكنها شعرت بالحزن الشديد حين فقد ( الجاكيت الجلد ) وهو يخرج والدتها من المستشفي ، قال لها ( لايهم ، لقد أصبح ضيقا وباليا ونحن الآن على مشارف الصيف )
عندما نزلت معه ( العتبة ) لشراء بعض الملابس للعيال قبل العيد ، توقف طويلا يتأمل (جاكيت جلد ) معروضا في أحد المحال ، قالت له ( يمكنك شراؤه ، بنقود الحوافز المتأخرة ) لكنه رفض الفكرة تماما وقال ( لا توجد حوافز ) في هذا اليوم دخلت معه مسجدا لأداء صلاة العصر ، أدت الصلاة مع النساء خلف ستار وعندما انتهت الصلاة وانصرف الناس رفعت الستار لترى زوجها ما زال ساجدا وداعيا لله وهو يرفع يديه ، في هذه اللحظة شعرت أنها أحبته أكثر من أي يوم مضى ، ليس صحيحا أن الصلاة والعبادة تعود بالنفع على صاحبها فقط ، بل هي تتعداه لغيره ، لأن داخل كل منا عهدا وميثاقا بالعبودية لله سبحانه وتعإلى ولذلك نحب من نراه يوفي بهذا العهد ويحافظ عليه.
heart: ـ ـ ـ ـ
اختمرت فكرة ( الهدية ) في ذهنها ونفذتها اليوم باعت سوارها الذهبي الوحيد واشترت له ( الجاكيت ) الذي أعجبه ، كانت تترك ما بيدها وتذهب لتتأمله وهو في كيسه وما زال على شماعته معلقا في حجرتهما، ( يستحق ثمنه وهو أنفع وأجدى من حلية في يدي لا فائدة منها) ، وخصوصا بعد أن أقبل الشتاء و( أبو أحمد ) يخرج مبكرا في البرد ، ما أجمل إحساسك بأنك تقدم هدية لمن تحب.
تأخر أبو أحمد عن موعد عودته من العمل حتى بدأت تشعر بالقلق ، وضعت الطعام للأولاد ولم تشاركهم وقلقها يتزايد بشكل سريع ، أخيرا جاء الرجل معتذرا أنه كان في مشوار ، وفتح علبة في يده أخرج منها خاتما ذهبيا وقال ( صرفنا الحوافز اليوم ، وصممت أن أشتري لك (هدية )، خاتما ذهبيا يناسب سوارك الذهبي ) .
أعجبتنى فنقلتها لكم محاسب / طارق الجيزاوى : [center] | |
|